قصة سيرة مريم العذراء وميلاد ابنها عيسى عليه السلام في القرآن الكريم

[b]

[color=#6666ff]قال الله تعالى: "واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو عليّ هيّن ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فاجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها ألاّ تحزني قد جعل ربّك تحتك سريّا وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيّا فكلي واشربي وقري عينا فإمّا ترينّ من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيّا) صدق الله العظيم. الآيات من 16 إلى 26 من سورة مريم

هذه الآيات من سورة في القرآن تحمل اسم السيدة مريم المرأة التي خلد الله ذكرها فيما لا يزال يتلى من آيات الكتاب العزيز المحفوظ من كل تحريف وزيادة ونقصان وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على ما لرسل الله وأنبيائه وصفوته من خلقه من الأتقياء الأطهار من مكانة رفيعة ومنزلة عالية فهم عليهم السلام (الرسل والأنبياء) وكذلك عباد الله من الصلحاء الذين تولاهم بعنايته ورعايته هم القدوة والأسوة وهم المنزهون عن كل رذيلة ونقيصة.

ومن هؤلاء السيدة مريم العذراء عليها السلام، أم المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، فلا سبيل أن يقال فيها ما لا يليق بعموم النساء فما بالك بمن جعلها الله أما لأحد أنبيائه ورسله المبجلين وأحد أولي العزم عيسى عليه السلام، فعقيدة المسلم في سيدنا عيسى عليه السلام وفي أمه مريم عقيدة سليمة قويمة وما قصة القرآن الكريم في سورة وآياته من خبرهما وسيرتهما يرفعهما إلى أعلى عليّين.

* والمسلم يتعبد الله بهذا الاعتقاد ويعلنه في كل مكان ولا يفعل ذلك مجاملة ومداراة وفي إطار حسابات ظرفية ولا تقية وإنما يعتقد هذه الكمالات في السيدة مريم وابنها عيسى عليهما السلام عن قناعة وتسليم.

* المسلم لا يفرق بين أحد من رسل الله عليه السلام، يعتقد أن كل أنبياء ورسل الله بلغوا رسالة واحدة ألا وهي توحيد الله وعدم الشرك به (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إلاه إلا الله).

* والمسلم يعتقد أن هؤلاء الأنبياء والمرسلين صاحبت بعثتهم ومسيرتهم معجزات هي خوارق عادات دالة على قدرة الله وقوله جل وعلا للشيء (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون).

* فالله في عقيدة المسلم على كل شيء قدير، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا عجب أن تذكر آيات الكتاب العزيز بأن ميلاد عيسى عليه السلام من أم دون أب لا يختلف عن خلق آدم من تراب يقول جل من قائل (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب) وما العجب في الأمر ونسبة الإيجاد للاثنين هي إلى الله سبحانه وتعالى، فالله هو الذي خلق آدم من تراب وهو نفسه الذي خلق عيسى من أم دون أب.

* إن مريم العذراء، مريم البثول عليها السلام امرأة طاهرة نقية حاشا لها أن تأتي منكرا من الفعل الذي لا تأتيه المرأة العادية فما بالك بمن ستكون أما لنبي ورسول عظيم عليه وعلى جميع الأنبياء وعلى نبينا سيدنا محمد أفضل الصلاة والتسليم.

نقدم لهذه الآيات بهذه المقدمة التي نحيي بها ذكرى ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام التي يحتفل بها أتباع الديانة المسيحية بمختلف طوائفها أوسع احتفال ولا يسعر المسلم بأدنى حرج أن يشاركهم هذه الاحتفالات ولكن بالأسلوب الذي يراه ويتلاءم مع مبادئ دينه.

الخطاب في هذه الآيات من سورة مريم لرسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هو له تشريف وهو لنا تكليف وفي هذا الخطاب لفت للانتباه وتبيين لقدرة الله وهو دعوة لتعريف بسيرة السيدة مريم عليها السلام حتى يعرف الجميع قدرها وعلو شأنها.

(إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا).

ابتعدت السيدة مريم استحياء إلى مكان في اتجاه الشرق وهذا الانتباذ إما للتطهر وإما للتعبد، والروح الذي أرسل إليها هو روح عيسى قبل أن يسكن جسده، وقيل هو جبريل الذي تمثل لها في هيئة بشر سوي الخلقة وقد ظنت السيدة مريم انه يريد بها سوء فقال الله على لسانها (قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا) فكان لقولها الأثر على جبريل عليه السلام فنكص فزعا من ذكر الرحمان تبارك وتعالى.

فقال سيدنا جبريل (إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا) انه أمر الله وما (جبريل) إلا رسول ربه ومهمته هي أن يهب لمريم غلاما زكيا طاهرا هو عيسى عليه السلام قالت مريم (قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر) يعني بالزواج لأن ذلك هو المعتاد في الإنجاب ولكن الله على كل شيء قدير، إن مريم عليها السلام على ثقة تامة بطهارتها (ولم أك بغيا) أي زانية.

وهذا الاستغراب من السيدة مريم (ولم يمسسني بشر) ليس فيه استبعاد لقدرة الله ولكنها تساءلت عن الكيفية جاءها الجواب (قال كذلك قال ربك هو عليّ هيّن ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا) انه أمر الله وهو قضاؤه الذي لا راد له، وهو أمر سهل ويسير بالنسبة لله الذي هو على كل شيء قدير. انه أمر هيّن وذلك كله للتدليل على قدرة الله، لقد جعل الله سيدنا عيسى آية ومعجزة وكذلك جعل الله سيدنا عيسى عليه السلام رحمة (وكان أمر الله مقضيا) أي مقدرا في اللوح.

ثم يقول جل من قائل (فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فاجأها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا).

بقدرة الله وتنفيذا لقضائه المبرم الذي لا يقبل التأخير بل يقتضي النفاذ العاجل وقع الحمل وتنحت مريم إلى مكان بعيد قال ابن عباس: ما هو إلا ان حملت فوضعت في الحال، (فاجأها المخاض إلى جذع النخلة) اضطرها وذهب بها إلى جذع النخلة اليابس تتعلق به لشدة أوجاعها من جراء الوضع (قالت يا ليتني مت قبل هذا) وهذا من السيدة مريم استحياء وخشية أن يظن بها السوء (وكنت نسيا منسيا) والنسي هو الشيء الحقير الذي ينسى ولا يتألم لفقده كالوتد والحبل.

(فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريّا) قال ابن عباس المراد من تحتها (جبريل) ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها. والسري من الرجال العظيم الخصال (السيد، وقيل ناداها عيسى وكان ذلك معجزة وآية وتسكينا لقلبها. وقالوا: وكان جبريل عليه السلام في بقعة من الأرض اخفض من البقعة التي كانت عليها.

قال تعالى (وهزّي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت صوما فلن اكلم اليوم انسيا) أمرت السيدة مريم عليها السلام أن تهز الجذع اليابس وذلك لترى آية أخرى دالة على قدرة الله. فهذا الرطب الذي تساقط عليها هو رطب جني لم يذو أي لم يجف ولم ييبس قال ابن عباس كان جذعا نخرا ولا يخفى ما في أمرها بهز الجذع من دعوة إلى السعي والأخذ بالأسباب.

قال العلماء لما كان قلبها فارغا فرغ الله جارحتها عن النصب فلما ولدت عيسى وتعلق قلبها بحبه واشتغل سرها بحديثه وأمره وكلها إلى كسبها وردها إلى العادة بالتعلق بالأسباب في عباده وحكى الطبرى عن ابن زيد أن عيسى قال لها لا تحزني فقالت كيف لا احزن وأنت معي؟ لا ذات زوج ولا مملوكة! أي شيء عذري عند الناس؟ “يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا” فقال لها عيسى: أنا أكفيك الكلام (فكلي واشربي وقري عينا) فكلي من الجنى واشربي من السري وقري عينا برؤية الولد النبي (فأما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمان صوما) أي إذا رأيت أحدا من البشر فسألك عن ولدك (فقولي إني نذرت للرحمان صوما) أي صمتا قال ذلك ابن عباس وانس ابن مالك قولي بالإشارة فسلام على مريم وسلام على ابنها عيسى.[[/b]/color]

» العذراء مريم بنت عمران
» القرآن الكريم كاملا بأصوات متنوعة
» من هو محمد صلى الله عليه وسلم ؟
» كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم متفائلا ؟
» كيف كان النبى صلي الله عليه وسلم زاهدا ؟